خلال عامٍ واحد بعد كف يد الهيئة والحد من ممارساتها الوقحة، انخفضت نسبة الجرائم الخاصة بالأعراض والاغتصاب في السعودية بنسبة 14.5% عن نفس الفترة من العام الماضي.
صورة مع التحية لكل من كان يعتقد أن الهيئة هي حامية الحمى، والمدافعة الأولى عن أعراض المُجتمع.
لماذا حدث هذا الانخفاض؟
طبعاً أسباب كثيرة منها إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، وتطوير جهاز الشرطة وتقليل الأعباء عنه، ولكن فيما يخص الجرائم الجنسية تحديداً، فإن للأمر بُعد نفسي مهم يرتبط بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا الكيان السرطاني الذي تكون ونشأ وتغذى على الغلو في الدين، وتخويف الناس من الحياة، والوصاية على أخلاقهم وسلوكياتهم بشكل لا يكاد يتكرر في أي مكانٍ في العالم، وستنخفض هذه النسبة أكثر وأكثر بعد زوال الهيئة نهائياً؛ لأن الإنسان يتصرفُ بشكلٍ عدائي في بيئة تشك في كل خطواته، وتُجرم أفعال التواصل البديهية، وتحاصره من جميع الجهات كي لا يكون على طبيعته، حينها يكون الإنسان أكثر ميلاً للعناد والتمرد، وتقوى فيه نزعة الجريمة للانتقام من هذا المجتمع الذي يُصعب عليه حتى أن يكون طبيعياً، خاصة من ناحية الشهوة الجنسية والتواصل مع الجنس الآخر.
وفي بيئة مكبوتة جنسياً، وفيها فصلٌ عنصري بين الرجال والنساء، وفصل عنصري آخر بين عوائل المجتمع وعزابه، من الطبيعي أن تزداد جرائم الاغتصاب والتحرش، لأنه حتى أبسط البديهيات والتصرفات التي تُشعر الإنسان بكرامته وحريته، كانت تُعد مخاطرة غير مأمونة العواقب، كشرب قهوة أو التمشي مع صديقة، وكان الأمر يشبه سجناً كبيراً يتمشى فيه حُراسٌ بشكل عشوائي، ولا تعرف متى سيفاجئونك ويقبضون عليك متلبساً بفعلٍ لا يُعتبر جريمةً في أي دولةٍ أخرى غير السعودية، يشعر الإنسانُ حينها بأن خصوصيته مُنتهكة على الدوام، لا أحد يعرف متى سيأتيه المطوع القبيح بصوته المُتعالي ويقول له: وين رايح ليش ما تصلي، أو من هذه اللي معك، أو يجي جنبك بالإشارة ويفسد عليك انسيابية لحن جميل بصوت يخترق أذنك عبر مُكبر الجيمس: طفي الأغاني ياراعي الكوريلا. ( حدثت معي شخصياً ).
اللي هو إيش دخل أمك أنت ياوسخ الأرض. أنا ضريت مين علشان يصير ممنوع أسمع موسيقى في سيارتي الخاصة. طبيعي بعدها الواحد يرتكب جريمة، وعندما يختفي هذا التهديد اليومي، من الطبيعي أن تميل النفوس للاستمتاع بالحياة، وأن تختفي حدة الرغبة في إعلان التمرد والعصيان.
اترك تعليقاً