السفهاء يلقنون الله درساً قاسياً

السفهاء يلقنون الله درساً قاسياً ويتلقون مبادرته بأصابعهم الوسطى

عزيزي الله، أسعدَ الإنسانُ مساءك

أتعلمُ أن أتباعك والمؤمنين بك يخافون من ظُلمك لهم؟
نعم نعم، لا تندهش هكذا وتصيحُ بي: أنا العدل ذاته، وأنا الرحمن الرحيم.
أؤكدُ لك أن المؤمنين بك يخافون أن تجورَ عليهم وتدمرهم في لحظةٍ مقدسةٍ من لحظاتِ طيشك وغضبك، مع أنهم يسبحون بحمد عظمتك ويمتدحون عدلك وحكمتك طوال الوقت، إلا أنهم في قرارة نفوسهم لا يؤمنون بأنك عادلٌ أو حكيمٌ أو رحيم، وتعال معي لنحلل هذا الدعاء الشائع، ونستعرض الدلالات التي يحملها، وكلها تؤكد صدق ما أقول.

“اللهم لا تؤاخذنا بما فعلَ السفهاءُ منا”

هذا الدعاء لا يكفُّ أتباعُك عن ترديده كلما سمعوني أو سمعوا أحداً من أصدقائي ينتقدك ويُعنفك على إهمالك، أو يُشكك بوجودك ويستهزئ بصفاتك الوهمية، بل إنهم يرددونه كلما شعروا أن الآخرين يعيشون حياتهم بحرية دون الرجوع إلى تعاليمك الساذجة، فيرددون على الفور: أستغفر الله، اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
وطبعاً في كثيرٍ من الأحيان لا يكتفون بذلك الدعاء، فإن كانت لهم مقدرةٌ على سجنِ أو تعذيبِ أو قطع رأس هذا الإنسان، فإنهم لا يترددون في فعل ذلك في سبيلك، فسبحانك ما أدناك وما أسفلَ المؤمنين بك.

هكذا إذن، أتباعك يخافون من طيشك وعدم تبصرك وتمييزك ما بين الملتزمين بأوامرك المزعومة، وما بين المتمردين عليها، ولعلك لاحظت بأنهم يُلقبون هؤلاء المتمردين: بالسفهاء.
أتباعك يا عزيزي يخافون في قرارة أنفسهم أن تُهلكهم – ليس بذنوبهم أو بأفعال اقترفوها – بل بذنوب وأفعال غيرهم. ومن المعلوم من العقل بالضرورة، أن هذا التشكك والخوف ينسفُ فكرة الإيمان من أساسها، فإذا كنتُ أخاف منك أن تأخذني بذنب غيري، فكيف أؤمن أنك حكيمٌ وعادلٌ في الوقت ذاته؟
وإذا كانت صفاتك مُطلقة، أي أن عدلك ورحمتك من المُطلق الذي لا تشوبه شائبة نقص، فكيف يمكن أن يصدر عنك تصرف كهذا الذي يخافُ منه أتباعك؟

وليس ببعيد عن التراث الإيماني تصرفك المزعوم المُغرق في الانحطاط والهمجية مع قوم نوح، وقرية لوط، والأقوام الأخرى الذين أنزلت بهم عذابك المزعوم، حيث أنك أخذت الجميع بذنب القلة التي كفرت بك، وهذا لا يختلف في الحقيقة عن تصرف أي طاغية أو ملك ديكتاتوري عندما يقصف مدينة كاملة لمجرد أن مجموعة من المتمردين يختبئون فيها، ولا يختلف عن تصرف أي أب ساذج حقير حينما يُعاقب كل أبنائه بسبب تصرف واحد منهم.

قد يكون صانعوك أبدعوا في خلق صفات كثيرةٍ تُشجعُ على الإيمان بك، لكنهم حتماً أساءوا إليك من حيث أرادوا أن يُحسنوا.

الأمر المدهشُ حقاً، أنك تعترفُ علانية بأنك ماكر، فلا أحد يأمنُ مكرك حتى المؤمنين بك، فبحق قداستك المزعومة، أخبرني هل صفة المكر واللف والدوران يُمكن اعتبارها من الصفات السامية أم من الصفات الدنيئة؟
في كتابك المقدس للصف الأول إيمان، نقرأ هذه الآية:

“فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ”

وكان رسولك يخافُ على الدوام أن تغدر به وتدخله النار، لكن هذه النقطة لا تُحتسب لأنه كان من العباقرة الذين طوروا صورتك في أذهان البشرية، وأتفهم ضرورة حديثه بهذا الشكل ليرسخ الخوف منك في نفوس أتباعه فيضمن سيطرة تامة عليهم.


Comments

رد واحد على “السفهاء يلقنون الله درساً قاسياً”

  1. […] ومكرك الذي أعلنتَ عنه بكل فخر، أتعرف في هذه الرسالة السفهاء يُلقنون الله درساً قاسياً تفصيلٌ بشأن ما أودُّ قوله، لقد دبَّ الخوفُ فيني منذ […]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *