الاختيارُ من بين الجماليات مهمةٌ مقدسة، يتصدى لها مَنِ يجدُ في نفسه القدرة على أن يكونَ هُلامياً، قابلاً للنفاذ، قابلاً لتوصيل التيار الكهربي، مَنْ يجدُ في نفسه القدرة على احتواءِ الطاقةِ الأصلية للجمال وإيصالها إلى طرفٍ آخر، في زمنٍ آخر، في مكانٍ آخر.
صادفتني هذه المسيرة صدفةً. طمرتني بالطمي المتصاعدِ من دوامةٍ مبتدئة، ريانة بالبَللِ الجاري خلالَ نهرٍ عالمي، ليسَ له مصبٌّ لأنه دائري، يلتقي طرفاه في نفسه. ولأنني حساسٌ لكلِّ ما يطمرني، وأدينُ له كثيراً، فقد وجبَ التنويه عن هذه المسيرة، ووجب تشجيعها كي تزدهرَ الخطوات المرهونة للمسافةِ المتبقية، وهي مسافةٌ ليست كبيرةٍ جداً، إنها بقدرِ العالمِ كله، مختصراً في رقائقِ سيلكون، يحاول أحدهم أنسنتها لتتناسب المسيرة مع فضاءٍ سيبري يُسمى: انترنت.
السيد شريف بقنة الشهري، إلى الأمام أيها السيد. وأرجو منكَ أن تحدد أيُّ الحقوقِ المحفوظة لك، بحسبِ تلك الجملةِ التي ذيلت بها موقع المسيرة، هل هي حقوق التذوق، أم حقوق الانتقاء، أم حقوقُ الترجمة ، أم ماذا؟
بالنسبةِ للقصائدِ التي ترجمتها أنتَ عن لغاتٍ أخرى، خصوصاً في مشروعك الواعد عن أنطولوجيا الشعر الأمريكي الحديث، فبالطبعِ حقوقُ الترجمةِ محفوظة لك، أما الاختيارات الأخرى التي تخيرتها وفقَ ذائقتكَ الجميلة، والتي تُشكلُ المسيرة المختلفة عن مشروع أنطولوجيا الشعر فأنا أجدُ من غير المناسب أن تُذيلها أيضاً بجملة: جميع الحقوق محفوظة.
مثلَ هذه الأماكن التي تُشكلُ كيانات تعريفها الوحيد هو الانتقاء الإبداعي، لا حقوقَ لأحدٍ فيها سيدي ، فهي قِبلةٌ يحجُّ إليها الجماليون من جميع الأنحاء. وكلهم يُشاركون في ازدهار هذا الكيان، عن طريق التفاعل أولاً، وعن طريق الإضافة ربما، إذا كان الموقع يسمح بذلك.
في ظني، أن إدراج اسمكَ تحت أي قصيدةٍ ترجمتها، هو كفيلٌ بحفظِ حقوقكَ في الترجمة عن الأصل الإنجليزي، وفيما سوى ذلك، فقد أزعجتني جملة الحقوق تلك. إنها تعوقُ المسيرة.
اترك تعليقاً