الكاتب: حارس الهاوية

  • إعياءٌ كسولٌ، لم يقضِ عليَّ

    عندَ كلِّ مرةٍ أتناولُ فيها حبة دواء، يُصيبني هاجسٌ بأنَّ الحبةَ ستخطئُ طريقها إلى حلقي، وتنحشرُ بدلاً من ذلكَ في القصبةِ الهوائية، أو تستقرُّ في تجاويفِ الرئة، فأختنقُ من الفكرةِ، وأترددُ كثيراً قبل تناولِ أي حبوبٍ أو أقراص. كحلمٍ يمتلئُ بالتهاويمِ، كانت ليلتي بالأمسِ. غرقتُ في عرقٍ يُهادنُ تعبي، تخليتُ عن أحلامِ عشرينَ سنة، مُقابلَ…

  • في مصرَ لا تَتَشابَهُ السَّاعَات

    كانت مصرُ لساعاتٍ معدودةٍ، وكما هي دوماً بالنسبةِ لشخصٍ ما، فاجعةً تفتحُ أحضانها للعابرين والمقيمين. كانت هاويةً تبتلعُ قدرةَ العابرِ على الدهشةِ الأولى، وتُجددُ إحساسَ المقيمِ بالمنفى. كانت أيضاً، أسلوباً للمشي المتواصلِ ليلاً حتى التعب. كانَ النيلُ يتنفسُ ببرودةٍ كعادته، فيهبُّ نسيمٌ عليلٌ على الواقفين فوق الجسور وعند الضفاف. فوقَ الرصيفِ، جلوساً، ثمةَ دائماً متسعٌ…

  • نَدَباتٌ فِي جَسَدِ اللُّغَةِ والْحُب

    *رعشةٌ في يدي تجتاحُ اطمئنانَ جسدي إلى الراحةِ هذا اليوم. الأمرُ كما لو كانت فكرةٌ كفكرةِ السيفِ تتجسدُ وتقطعُ شرايين العقلِ وتُدمي الدماغ. * الآنَ، في هذا الموعدِ من الزمان، يتخلى العدمُ عن خجلهِ، ويفرضُ وجوده في محيطِ أيامي بكلِّ جُرأةٍ وتَمكن. *الإنسانُ يُغيِّرُ الأنماطَ وفقَ سلوكياتٍ يبتكرها بقدرتهِ على الخلق، ثم يعزو ذلكَ إلى…

  • وَغنَّت بَهِيَّةُ بِاسْمِ الْمُدَوِّنِينْ..

    على بركاتِ التدوين، وباسم المدونين المصريين، تمَّ الإعدادُ لهذا الحفل والإعلان عنه في أواخر مايو، وتم تنفيذه يومَ الأربعاء الماضي رغمَ اعتراضِ البعضِ، وتحمُّسِ البعضِ الآخر. ورغم أن المدونينَ ليسوا هيئةً حزبيةً مملوكة لأمِّ يحيى، إلا أنَّ الحركة بركة أيضاً. معَ تزايدِ المراهنةِ على قوى المجتمع المدني في تخليص المعتقلين، وعدم جدوى آلية التظاهر في…

  • عَنْ “انْتَرْنِتْ” أُحَدِّثُكمْ ..

    – إيه ده يا عمو محمد؟ – هذه انترنت يا عزيزي. من مُحادثةٍ جَرت بيني وبينَ ابن خالتي الصغير. أقضي يومياً ما يزيدُ عن أربعِ ساعاتٍ على انترنت. وهذا بحسبِ أسطورتي الشخصية، عملٌ أؤديهِ باحترافٍ كامل، أحصلُ مُقابله على خبرةٍ ومُتعةٍ لازمةٍ تفوقُ بالنسبةِ لي دخلاً مادياً قد أكسبه لو قضيتُ هذه الساعات في عملٍ…

  • حِكمَةُ الْقَلقْ

    أخبرُ طمأنينتي أن تستريحَ قليلاً، و أستدعي قلقي لأسأله بهدوء: هل تعتقدُ أن الحياةَ جديرةٌ بنوعٍ من استمراريةِ الأمل، حتى ولو كانَ كاذباً؟ يُخبرني قلقي أنَّ الحياةَ تعيشُ على عدةِ أكاذيبَ لا يُمكنُ لنا تفاديها. ولذا نحتاجُ أن نؤمنَ، ونحتاجُ أن نأملَ، وأما دوره كقلقٍ، فهو موازنةُ الأمور، حتى لا يُسرفَ الإنسانُ في إيمانهِ، أو…

  • عَازِبُوْنَ بِلا حُدُوْد

    يتعثرُ الإنسانُ أحياناً بما لم يحسب له حساباً. فأثناء مروري من عندِ هَديل، تعثرتُ برابطٍ عندها لمدونةٍ اسمها: عازبونَ بلا حُدود. وقد كنتُ لاحظتُ رابطها أيضاً عندَ آشور لكنني لم أهتمَّ حينها. وجدت المدونة قليلة المحتوى، لكن الصورة قادتني إلى موقعٍ على جيران لم يتم وضع فهرسٍ لصفحته الأولى، ويبدو لي أن هذا جهدُ شخصٍ…

  • أنماطٌ للتَّنسِيِقِ، وأنماطٌ للوُصُول

    سَادرٌ في فوضى القوالب. ما الذي أفعله أيها العالم. سأخبركم بالمشكلةِ وما فعلته من أجلِ حلها. في بدايةِ تركيب ووردبرس على موقعي، كانَ الأمرُ على ما يُرام. لكن بمجردِ استيراد التدوينات من مدونتي الأولى على بلوجر ، بدأت تنسيقات الصفحة تظهر بشكلٍ مختلف. وكانت القائمة الجانبية لا تظهر في أعلى الصفحة كما هو الطبيعي، بل…

  • غونتبرغ وحُلمُ الكِتَابِ العَرَبِي

    عن مشروع غونتبرغ، والحلمُ البعيد لانتفاضةِ الكتاب العربي. من أجملِ ما يُمكنُ أن يتمتعَ به الإنسان، حقُّ الحصولِ على المعرفة. إنَّ لذلكَ مُتعةٌ لا تعدلها متعةٌ أخرى، بالنسبةِ لي على الأقل. إنَّ أولئكَ الأشخاص الذينَ يعملونَ على مشاريعَ لنشرِ المعرفةِ، وتسهيلِ الحصولِ عليها، لَهُم أشخاصٌ جديرونَ بكلِّ احترامٍ وتقدير. اليوم قادتني بعضُ الروابطِ إلى مشروع…

  • وادي نَمَارْ – انْحِدَارٌ أوَّل

    يجتاحني صخرٌ سريٌ يناوشني بالذكرى. منذ يومياتي في وادي نمار بالسعودية، وأنا لا أفتأُ أستشعرُ إحساسَ العلو في داخلي، والحنينَ المترقب ليومِ عودة.منذ كان الوقوف على قممِ الوادي في كلتا حافتيه، هو متعةٌ سريةٌ نقصدها بوحي جموحنا، بكل عنادِ أعوامنا الستة عشر التي تتحدىَ مخاطرَ ظاهرةً لنا، ونتيقنها جيداً. هذا الاندفاع الجَمُوح لم أجربه في…

  • الدَبَابِير والشَّرف – رسَالةٌ عَنِ الخَسَارة

    إهداءٌ أول : إليكِ في عتمةِ الحلم. في تأوهِ الغرفةِ ليلاً. في كلِّ مهربٍ تلوذينَ به كي تنعتقي قليلاً. إهداءٌ ضائع : إلى القسوة . تلك الصفة القابيليةُ المتأصلة في صنفٍ من البشر، لا يُشبعونَ نهمها العاهر إلا على الصنفِ الآخر. إهداءٌ سابع: إلى ماركيز، الذي ألهمني الحقيقة التالية: ليسَ هناك في الحياةِ مثلٌ أعلى…

  • رسالةٌ إلى مالك

    لا أتوقعُ يا صديقي أني رأيتكَ سوى في الصور. ولكني أعرفكَ جيداً. قرأتُ كثيراً مما كتبته في مدونتك. لم يؤلمني خبرُ اعتقالكَ بقدرِ ما آلمني أني لا أتحلى بمثل عزيمتكَ لمواصلةِ النضال بهذه الصورة، بتلك الابتسامة الهادئة، والإحساسِ المتزن، والشعور بالجدوى. قد أختلفُ معكَ في طريقةِ ظهوركَ، وفي طريقةِ الأداء. وقد أختلف معكَ في الطريقة…

  • القاهرةُ ذاتَ صداع في رأسي

    القاهرة. أوقاتُ ما بعدَ العجائبية. توثيقٌ من داخل رأسي المتصدع. في طريقِ عودتي، وفي الميكروباص الذي أقلني، اختار السائقُ أن يسلكَ طريق صلاح سالم على الرغمِ من الزحام الذي يتراءى للبصر مباشرةًً من مدخل الطريق، والذي يُعرفُ بمجرد الحدس، حيثُ أن استاد القاهرة الدولي، والذي شهدَ اليوم آخر مباريات بطولة أمم أفريقية، يقعُ في منتصف…

  • الضحايا، بإهمالٍ ما، هم نحنُ الغارقون

    من المؤسفِ ما يحدثُ حقاً. سنةٌ جديدة، وهناك أكثر من كارثة، على أكثرِ من وجه. أصبحَ الإنسانُ حائراً بأيِّ شئٍ يتأثر. ولأيِّ سببٍ يحزن. ما بينَ المصائبِ الإسلامية والقومية والإنسانية والشخصية، توزعت خفقات القلب المكلوم. الأنباء متضاربة، ولا أحدَ يقبلُ بتحملِ المسؤولية. الحكومة المصرية تدفعُ عنها الاتهامات بحجة أن السفينة كانت ترفع علم بنما، والقانون…

  • دَابَادَا

    كلمة الغلاف الأخير: دابادا: هي صَرخَة في الفراغ.. تَشهَد نضال الإنسان ضد الموت التدريجي. إنها رَفسَة مُوَجَّهَة قبل حُلول الزَوال، لبعض الناس الذين يَرفَعون إنسانيتهم إلى الأعلى فيَخرُجون عن إطار الجَذب الاجتماعي ويَدخُلون في صفحات الأسطورة. إنها لا تُرَسِّخ اتجاهاً مُعيَّنَاً ولا تُدافِع عن مَدرَسَة أدبية، وإنما تتحَدّى قُدسية التراث الروائي بأكمَله، وذلك، فهي تشبه…

  • الأدبُ فعل تمنع وتمتعٍ ومقاومة

    رسالةٌ إلى صديقةٍ جيدة . وتعليقاً على فكرتكِ عن دور الأدب في خلقِ ردةِ الفعل ، أو في خلقِ التفاعل .. أقول : الأدبُ يا سيدتي هوَ فعلُ تمنعٍ ومقاومة ، لا فعلُ تمتعٍ فقط . والأممُ غالباً تنهضُ بنهضةِ أدبائها أولاً ، وليس علمائها . لأن الحياةَ العلميةَ الخالصة ، هيَ حياةٌ مملةٌ مزهقةٌ…

  • أنخابٌ للكتابة

    أنخابٌ للكتابة

    لنرفع نخباً في صحة الكتابة أولاً، ثم نسرد الأنخاب بينما نسكر. أكتبُ نخب الجمال الذي أبحث عنه، هل تبحث أنت؟ أكتب نخبَ كل ما أؤمنُ به الآن، وسيتغير، دائماً وأبداً. نخب التغيير، هل تتغير أنت؟ نخب نقد الواقع وانتقاده. نخب السخرية من أنفسنا أولاً، دائماً وأبداً، هل ستغضب إن سخرتُ منك؟ أكتبُ نخبَ أصدقائي المدحورينَ…

  • ثرثرة فارغة عن تفاصيل لا تهم أحداً

    لم يسبق لي قطُّ أن ابتلعتُ إنساناً، لأنه لم يسبق لي أن كنتُ سمكةَ قرشٍ ولا كنتُ فرداً من أفرادِ قريشٍ، ولم أكن حتى وقتٍ قريب أتناول طعامي براحةٍ تامةٍ في وجودِ أحدٍ لا تربطني به علاقة ، لذلك فلم أكن أفضلُ الأكلَ في المطاعمِ العامةِ ، أو في السيارةِ ولا حتى في الحدائق عندما…